كلما سمعت عاشقا يقول لمن يحب في لحظة رضى وصفاء ونقاء : " أحبك إلى الأبد " أجدني أبتسم بحزن .. واسئل نفسي :
من يضمن بقاء الحب ؟
وهل تراه إحساس العاشق المغرور أم وهم الحب الذي يسيطر علينا في لحظة فنتخيل أننا قادرون على مسك زمام مشاعرنا بإتجاه قلب الحبيب ودرب الحبيب بلا توقف أو ملل أو نهاية ؟
إن الحب يرقق روح الإنسان ويجعله أكثر رقة وأكثر ودية وإحساسه الإنساني بشأن كل الأشياء من حوله يبدوا مرهفا وعذبا وناعما ليس فقط أمام من يحب أو لمن يحب بل حتى في إحساسه الإنساني بشأن الطيور و الزهور وكل مافي الطبيعة يصبح رقيقا جدا وكأن إحساس الحب يملئ عينية فلا يرى في الوجود إلا كل ماهو رومانسيا ومدهشا وجذابا وعذبا وحالما ورقيقا وهامسا .
فالحب الرومانسي تتوفر فيه صفة مهمة جدا وهي المبالغة ..
والمبالغة هنا تأتي من التركيز على صفة جيدة أو عدة صفات حلوة في المحبوب بغض النظر عن العيوب أو الصفات العادية وذلك هو إحساس أعمى أو أحادي النظرة على أقل تعبير ولأن عمى العيوب أمر غير طبيعي فلابد من لحظة الصحوة أو رؤية المحبوب في حجمه الطبيعي ويحدث ذلك بعد فترة حب أو الإرتباط أو بعد عشرة تجر معها الملل ولأن طبيعة هذا الحب مبالغة يحدث مع الصحوة إنطفاء شديد يقتل إحساس الحب الذي كان .. ولذلك
نجد المحب يقول هذه الكلمة : " أحبك إلى الأبد " .. في لحظة النشوة والمبالغة ربما لكي يثبت للمحب مدى حبه الذي لا ينتهي ولا يزول ، وربما لكي تكتمل صورة هذا الحب الرومانسي بداخلة ، وربما لأنه لا يريد أن يعيش الواقع والمنطق فهو في عالم آخر ودنيا آخرى كلها حب وأحلام وآمال وطيور وزهور إنه يمشي مثل غيمة يلفها الهوى لا الهواء ....
لكن السؤال المهم والأهم : لماذا يموت الحب ؟
يموت الحب لأننا نتغير .. فنحن كبشر نتغير وهذا التغير قد يحدث بعد فترة طويلة أو بسرعة نتيجة المرحلة الإنتقالية في العمر الذي نعيشة أو نتيجة ظروف طارئة أو نتيجة أمور كثيرة وحين نتغير تتغير فينا أمور كثيرة :
تفكيرنا السياسي ، الديني ، الإقتصادي ، مذاقنا في الجمال وفي الشخصية والأكل والملبس وحتى في نظرتنا للحياة ...
إن المشكلة الحقيقية أننا كرجال ونساء مرتبطون بعلاقة تقبل التغيرات الخاصة في أمور شكلية لكننا لا نتحمل التغيرات الخاصة بعواطفنا لبعضنا البعض أو لقناعاتنا بشخصية وعقلية بعضنا البعض وهو يواجه حالة برودة في العلاقة أو يضبط الطرف الآخر يخون .. وحينها يصرخ :
" لماذا يفعل ذلك بعد عشرة حلوة ؟
لقد كان مبهورا بي ويحبني ... فلماذا يحب غيري ؟
فيجب أن ندرك حقيقة مهمة حتى لانصاب بالخيبة والحزن وتتمثل في أن الإنسان يتغير ذوقيا في كل شئ كل سبع أو عشر سنوات .
كما أن الحب يموت بسبب الملل فلكل جديد زهوته وبعد أن يعتق يخبو بريقه ولكل جديد حماس خاص يستقبل به وبعد فترة يقل الحماس بفعل التعود ..
كل الدراسات النفسية تؤكد أن إستمرار المثير يطفئ الإستجابة .. فحتى كثرة الضوء تجعل العين لا ترمش بعد فترة وكثرة الضجيج تجعلك متعودا على وجوده فلايثيرك .. حتى الجمال فإن بقاءة أمامك يجعلك بعد فترة في دائرة التعود ويجلب الملل ........
إن الملل هو أحد أسباب موت الحب الحقيقي .
الموضوع مفتوح للحوار