"دومينيك ، ارحل". عبارة لهجت بها ألسنة الجماهير الفرنسية ضد مديرها الفني بعد الخسارة أمام أسبانيا صفر /2 أمس وديا ، لتأتي كدليل جديد ، من أدلة لا تحصى ، على وجود طلاق بين بين المدرب وجماهيره.
يمر ريمون دومينيك بلحظات عصيبة ، فلم تعد الجماهير حتى منقسمة بشأنه ، بعد أن أعربت بما يشبه الإجماع على رفضه ، في وقت وصلت فيه شعبية المنصب إلى أدنى المعدلات التاريخية ، خاصة بعدما شهدته مباراة الأربعاء.
وحذرت صحيفة "ليكيب" الشهيرة في عددها الصادر أمس قبل اللقاء من "النطحة" في إشارة إلى رياضة مصارعة الثيران التي تتمتع بشعبية كبيرة في أسبانيا ، لكن التحذير لم ينفع وجاءت النطحة قوية.
فقد أكدت المباراة كل التنبؤات التي سبقتها ، حيث سيطرت أسبانيا على اللقاء بأريحية كاملة. وعاشت الجماهير الفرنسية ، التي اشتهرت بالفخر بفريقها في أزمنة ماضية ، الساعات السابقة على المباراة في صمت بدا أشبه بصيحة رجاء طلبا للرحمة.
وامتد الصمت إلى مداخل الملعب. فكانت الجماهير تدلف إلى الاستاد كما لو كانت تغادره بعد تعرض الفريق لهزيمة ما: فالجميع في صمت مطبق ينظرون إلى الأرض.
وكانت الحانات المحيطة بالملعب شبه خاوية ، وكان أكثر شاغليها من الأسبان الذين لم يكتفوا بفوز متوقع ، فتعمدوا الرقص على الأغاني الفرنسية.
وقبل ساعة من انطلاق اللقاء ، لم يكن هناك أكثر من ألفي متفرج داخل الملعب ، يحمل جلهم تقريبا الجنسية الأسبانية ، يحثون منتخبهم على إلحاق الهزيمة بمنافسه.
وباقتراب موعد المباراة كانت المدرجات تزداد امتلاءا بالمشجعين حيث بدا أن آلاف الفرنسيين يقتربون فقط من أجل الهتاف ضد دومينيك. وهو ما حدث بمجرد النداء على اسم المدير الفني في الميكروفونات قبل اللقاء.
لكن ذلك لم يزد على كونه مقدمة لما سيأتي لاحقا. وبعد الهدف الأسباني الثاني الذي جاء قبل الاستراحة مباشرة ، تفجر ملعب سان دوني كاملا بصيحة "دومينيك ، ارحل"، وامتدت على مدى الشوط الثاني ، ولم تتوقف الجماهير عنها سوى لتحية الآداء الذي يقدمه اللاعبون الأسبان.
وقال دومينيك في المؤتمر الصحفي الذي أعقب اللقاء "بالتأكيد نعرف أننا نمر بلحظات صعبة ، لكن ليس علينا أن ننسى أن المنافس كان بطل أوروبا. كلنا نريد تحقيق الانتصارات ، ويصعب علي أن أفهم سبب ابتعاد الجماهير عن الفريق".
وخلفت الليلة الفرنسية جريحا آخر هو تييري هنري ، الذي سمع صافرات الاستهجان لدى مغادرته الملعب في الشوط الثاني ، فيما بدا كنهاية لعهد مليء بالأمجاد ، بيد أنه يزداد ابتعادا بمرور الوقت.
وتحول دومينيك إلى أحد أقل الأسماء شعبية في فرنسا كلها ، التي لم تعد تأمل في منتخبها ، لذا فليس من المنتظر أن تتوجه جماهير فرنسية كثيرة إلى جنوب أفريقيا ، إلا لو كانت تلك الجماهير على استعداد لتمضية البطولة في الهتاف ضد المدير الفني.
ويبدو أن مخاوف "ليكيب" قد تحققت ، وتلقى المنتخب النطحة. وكان أكثر من تأثر بألمها هو دومينيك.